العدالة مطلب لا ينتهي منه الانسان فكل المطالب تنتهي
عند تحقيقها أما العدالة فهي مطلب متجدد فلا ينتهي عند تحقيقه، ومن ضمن العدالة
كما ذكر الفيلسوف الامريكي جون ورلس نظرية العدالة الاجتماعية .
والعدالة الاجتماعية هي وضع اجتماعي تختفي فيه الامتيازات التي تتمتع
بها مجموعات محددة. و هي وضع يسود فيه تكافؤ الفرص ويكون الجميع متنعمين بأوضاع
مادية تلبي احتياجاتهم وتكون بينهم مساواة اجتماعية، كما أن العدالة
الاجتماعية مرتبطة بالعدالة بشكل عام، وبالسياسية على وجه الخصوص، فكما نلاحظ تكاد
تنعدم العدالة الاجتماعية في الوطن العربي لكثير من الأسباب لا مجال لذكرها، وهي
من أول الأسباب التي ساهمت بإندلاع الربيع العربي ، بل كانت شعارًا يرفعه
الثائرين: عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. في حين أن أقرب مثال في انعدام
العدالة الاجتماعية في بلدنا الوضع القاتم في السعودية فرغم الثروات الطائلة
والخيرات المتعددة لكن بسبب احتكار ثروات البلد والتمييز الاجتماعي والمالي للأسرة
الحاكمة ساهم هذا بتفشي الفقر والبطالة وعدم تكافؤ الفرص وتدني الأجور والفساد
المستشري، والذي اعترفت به الحكومة علنًا بل وشكلت هيئة مستقلة لمكافحة الفساد،
لكن الوضع ظل كما هو دون تغيير.
فيما أنه تم الاعتراف بوجود الفقر الذي يزيد ولا ينقص، حيث
أنشأت صندوق مكافحة الفقر والذي ذهبت به أدراج الرياح وابتلعه فاه الفساد، وبقيت
الحكومة عاجزة أمام إستشرائه، فيزيد الأغنياء غنى، ويزيد الفقراء فقرًا،
فيما بدأت تنعدم الطبقة الوسطى مما ينذر بكارثة محتومة، أما البطالة والتي حاولت
الحكومة من خلال برنامج حافز التخفيف منها وباءت بفشل ذريع فالأجور المتدنية لا
زالت عالة على ظهور الطبقة الوسطى، والتي لم تحتمل مزيدًا من الصمت فخرجوا بحملة
الراتب ما يكفي الحاجة، وصرخوا بمعاناتهم، ليأكدوا على حقيقة تدني الأجور ومدى
تفشي قبضة غياب العدالة الاجتماعية والتي تخنقهم، أمام وما يتمتع به الأسرة
الحاكمة وأفرادها من مميزات أسطورية وبذخ فاحش يستفردون به عن باقي أفراد الشعب من
ناحية المخصصات أو الفرص الوظيفية وحتى المشاريع والعطاءات وتقسيم الأراضي والمحسوبية،
والاهتمام بمناطق دون أخرى بشكل واضح وجلي لمراقب التنمية في السعودية، وهذه
الأوضاع هي أكبر شاهد على غياب العدالة.
إن حلول الإشكاليات الاجتماعية والخدمية والفساد والقضاء على الفقر
ومطلب تكافؤ الفرص بشكل عام ، يتطلب في المقام الأول اصلاحًا سياسيًا فلا
يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل نظام استبدادي، تحتكر فيه السلطة من قبل فئة
صغيرة وتتمتع بالامتيازات فيها عن باقي الشعب، فعندما يكون المواطن شريك حقيقي
لهذه الفئة في الوطن والقرار، بحيث لا تلغي فئة أختها عندها يمكن تحقيق العدالة
الاجتماعية والاستقرار والتنمية، وهذه الشراكة يجب أن تترجم في مجلس مشرع منتخب
يتمتع بالصلاحية في التشريع والمراقبة، يختار فيه المواطن من ينوب عنه في سن
الأنظمة والقوانين، وتترجم هذه الشراكة بعقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم،
يحفظ حقوق الجميع ويقيد صلاحيات المسؤول ويضعه تحت المسألة والمحاسبة، ويحترم فيه
حقوق الانسان الاساسية، بحيث نبني مملكة جديدة تقوم على سيادة القانون والمشاركة
بين المواطن والأسرة الحاكمة في الوطن، وتزول عوامل التمييز والإقصاء والتهميش
وتتحقق المواطنة الحقيقية وتتحقق العدالة الاجتماعية والتي هي روح الإسلام
وجوهره.