الثلاثاء، 30 يوليو 2013

المواطنة والإختلاف


بقلم / محمد العتيبي


المواطنة والإختلاف

"وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ"

الإختلاف والتنوع سنة من سنن الله في خلقه، . كما أن التنوع  والاختلاف موجود  في  الطبيعة، وفي الكون. فلا يمكن لأي فكرٍ بشري إزالة هذا التنوع والاختلاف ، أو دمجه في عنصر واحد  فهي حقيقة ثابتة لا جدال فيها مع الوجود الإنساني في التجمعات البشرية .

والتجمعات البشرية ضاربة في القِدم ، وقد انقسم العلماء والفلاسفة في تحديد طبيعة التجمعات البشرية، فالبعض قالوا أنها بدأت بالأسرة، والبعض قالوا أنها بدأت على شكل قطيع.
و تطور التجمعات البشرية  أفضى إلى نشأة الدولة،  قال أرسطو في الدّولة أنّها تنشأ بعامل الحياة، ولكنّها تبقى في الحقيقة لتحقيق حياة منتظمة بشكل جيد. وهناك اختلاف فقهيٌ في تعريف الدولة؛ فقد عرفها الفقيه الفرنسي كاريه دومال بيرك بأنها: (مجموعة من الأفراد مستقرة في إقليم ولها من التنظيم ما يجعل لهذه الجماعة  سلطة عليا، آمرة وقاهرة، في مواجهة الأفراد). وعرفها الدكتور كمال الغالي بأنها: (مجموعة من الأفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم معين وتخضع لسلطة عامة ومنظمة).
ثمّ مع تطور البشر في الحضارات وتطور الفكر البشري ظهر مصطلح المواطنة قديمًا مع نشأة الفكر اليوناني رغم القصور في المواطنة  في الفكر الإغريقي!
وترسخ هذا المدلول، و أخذت المواطنة طور في التطور حتى أضحت على المفهوم العلمي الحديث وتعددت تعريفاتها واقرب تعريف كما قيل.
( العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري)،

أما المواطنة بمعناها اللغوي العربي، فهي: مشتقة من وطن وهو بحسب كتاب لسان العرب لابن منظور "الوطن هو: المنزل الذي تقيم فيه، وهو موطن الإنسان ومحله … ووطن بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه: اتخذه وطنًا، والموطن … ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب وجمعه: مواطن، وفي التنزيل العزيز: "لقد نصركم الله في مواطن كثيرة" … وأوطنت الأرض، ووطّنتها، واستوطنتها، أي: اتخذتها وطنًا، وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد.
- أنظر ابن منظور "لسان العرب" دار صادر بيروت .  ، المجلد 13 ص 451.

 وايضاً المواطنة عقد شراكة في الوطن الواحد بين أطراف متباينة الهوية عرقيًا وعقديًا وثقافيًا، ولا يلزم لقيامها أونجاحها التجانس والتطابق بين افراد المجتمع.
فعندما تسمو قيم المواطنة ينصهر المجتمع في قالب واحد، ويعترف اطياف المجتمع  بحقوق الاخرين في الاختلاف، ولا يمكن تحقيق المواطنة في ظل الأنظمة الاستبدادية.
ففي أوروبا كان الملوك والأمراء يزعمون أنهم يستمدون سلطتهم من الآلهة وكان البابا يتوّج الملوك.
والعلاقة هي علاقة الراعي بالرعية وليست علاقة مواطن بوطن. ومفهوم المواطنة ارتبط بتطور المجتمعات ديمقراطيًا، بعكس الأنظمة الأوتوقراطية وخصوصًا العربية التي تعيش على الانقسامات داخل الشعب، وتغذيها ا من أجل الاستمرار وحماية أمن المستبد بالسلطة.
عندما نريد تحقيق المواطنة فلا بد أن نسعى للإصلاح السياسي، فليست هناك قيم وطرق للتعايش بين مكونات المجتمع المختلف  إلا بحقوق المواطنة ضمن المساواة في الحقوق والواجبات في نظام ديمقراطي  تكون السيادة فيه للمواطن كما تؤكد تجارب الشعوب الاوروبية بعد الانقسامات والحروب بين الطوائف المسيحية   .

الأحد، 7 يوليو 2013

لعبة المراوغة. للكاتبة السعودية زانة الشهري

لعبة المراوغة.
من فنون التذاكي التي مارسها الليبراليون السعوديون وبعض العامة في مباركتهم للانقلاب العسكري في مصر هي محاولاتهم البائسة لتبرير طمس الشرعية والعدالة والحرية وصناديق الاقتراع التي طالما ملاؤا الدنيا ضجيجا لأجلها. فقد انصهرت أمام حكم الإخوان الشرعية وتغيرت معالم الديمقراطية واختلفت ملامح الحرية وأصبح صندوق الاقتراع غلطة ارتكبها نحو 13 مليون مصري صوتوا لانتخاب مرسي سابقا !!

ويستمر المتحاذقون في لعبة التبرير بالدخول في سلسلة من المراوغات التي لا يقبلها عقل مستمع بسيط فضلا عن مبحر في الديمقراطية. يتذاكون فيقولون الشعب لا يريد مرسي, الم تشاهدوا ميدان التحرير ؟!! ونقول شاهدنا ميدان التحرير وتجولت أعييننا في القاهرة فشاهدنا رابعة العدوية أيضا !! إلا إذا كان المعتصمون في رابعة العدوية أصناما أو فضائيون فهذا شأن آخر !! وأما ما يقال عن عدم رغبة نسبة من الشعب في الرئيس الحالي فماذا نسمي الـ 49 % الذين صوتوا لمنافس الرئيس اوباما السيد رومني , ولماذا لم يعتصموا في التايمز سكوير مثلا لأنهم لا يريدون اوباما ؟!!! إنها شرعية الصندوق أيها السادة ..
ويراوغ آخرون بلعبة الطائفية التي طالما تشدقوا بمحاربتها فيقولون مرسي يبني تحالفا مع الشيعة في مصر لأنه (استقبل ) الرئيس الإيراني نجاد ولا اعرف هل فاتهم استقبالات قام بها آخرون من دول الجوار تجاوزت الاستقبال إلى الحفاوة والسير يدا بيد تألفا وانسجاما !! وأي لقاء يرغب فيه رئيس دولة يرمى بالحذاء ويتعرض لإحراج شديد يجعله يقطع حديث الجانب الآخر قائلا " هذا الحديث مكانه الجلسة المغلقة " !!. كما أن من يتابع لا يجد سببا مقنعا لاحتفالات  الشيعة عامتهم وخاصتهم وإعلامهم وصحافتهم بالانقلاب على مرسي , مرسي الحليف كما تصورونه ؟!!

وتستمر لعبة المراوغة فيتحدثون عن حلف آخر لمرسي مع إسرائيل وأمريكا !!! فكيف يكون حليفا لإسرائيل وأمريكا من كان حليفا لإيران فيعودون للقول بأن إيران وأمريكا والمعسكرين الشرقي والغربي كتلة واحدة ؟!! ولا اعرف هل كانت الحرب الباردة التي استنزفت ميزانيات الدول مداعبة بين المعسكرين أم مجرد مزحة ثقيلة ؟!! كيف أصبحت أمريكا وروسيا أصدقاء ومن خلفهما إيران وإسرائيل !! إلا أن للمراوغة فنون , فيتحدثون عن بيع سيناء لإسرائيل وخيانة الأخوان لفلسطين بتسهيلات قدمت لإسرائيل وعندما تطلبهم ما يثبت يهربون كالفئران متحججين بان إسرائيل لن تفرط في أي وثيقة تدينها أو تدين حلفاؤها !! أذن كيف علمتم بكل هذا أيها الخارقون ؟؟

يقولون فيما يقولون الم تشاهدوا موقف أمريكا وتحفظها على الانقلاب العسكري وعزل الرئيس مرسي ؟!! ويظن احدهم انه جاء بالخبر اليقين وان الضليع في الديمقراطية سيتلعثم أمام هذه الحجة الدامغة. نسي رؤوس الحرية ودعاة الديمقراطية أبجدياتها فتعلقوا ببيت العنكبوت فزادهم وهنا على وهن . ألا تعلم عزيزي المواطن الذي لا صوت لك في بلدك حتى في انتخاب مستشار وزير فضلا عن وزير أو رئيس وزراء أن صوت المواطن الأمريكي أثمن ما تملك الإدارة الأمريكية ؟!! انه أثمن من برميل النفط الذي تظن انك امتلك واشنطن به عندما صدرته لها. هل تتخيل حجم الخسارة الفادحة التي سيمنى بها رئيس منتخب في الولايات المتحدة عندما يبارك هكذا انقلاب ويسحق إرادة الصندوق الذي جاء به إلى الحكم ؟!! أم هل تتخيل أن الحزب الذي جاء منه الرئيس الأمريكي ديمقراطيا كان أم جمهوريا سيسمح له بارتكاب هكذا حماقة قد تكلف الحزب خسارة الحكم لعقود ؟!! كل كلمة ينطق بها رئيس أمريكي تشكل خارطة طريق له ولحزبه في رحلة البقاء في البيت الأبيض أو البحث عنه مجددا . ولا يلام متحاذق من قومي يأتي بمثل هذه الحجة فحكومته تضرب بكرامته عرض الحائط عندما تحرم عليه حمل لافته في الشارع في بلده وتبارك انقلاب عسكري على رئيس منتخب شرعي في بلد آخر.

إذا كان الرئيس المصري محمد مرسي ارتكب أخطاء فإن غيره ارتكب جرائم  منعكم عن سماع دويها قرع الطبول . ثم إن فشل رئيسٍ ما ليس مبررا لهذا الانقلاب العسكري والعبث بالشرعية . كان يمكن حشد هذا الفضول الخليجي والدولي في مصر للضغط على الرئيس مرسي للتعجيل بانتخابات مبكرة بدلا من الدخول في لعبة قذرة تعزل رئيس منتخب شرعي لازالت أصوات الملايين تهتف بشرعيته حتى هذه اللحظة,  لكنكم تتظاهرون بعدم سماعها وتسمونهم بأبواقكم الإعلامية الكاذبة "جماعات مسلحة إرهابية " تقتل الشعب المصري !! ليتكم اكتفيتم بالتذاكي والمراوغة بل إنكم اختلقتم الأكاذيب ولازلتم لتبرروا تخليكم عن مبادئ ظننا يوما أنكم تعتنقونها لكن هذا الحدث جاء ليفضح فكركم ورفضكم لكل ما يمت لأي تيار إسلامي بصلة حتى لو كانت (حرية) أو (شرعية) أو (انتخاب) أو (ديمقراطية ) لا لشيء إلا لأنها قدمت بالطريقة الإسلامية .....

تحسسوا رؤوسكم ...
Shehryz@
July/ 7/ 2013

الجمعة، 5 يوليو 2013

هل سقوط مرسي تم بإرادة الشارع أم بانقلاب عسكري؟



هل سقوط مرسي تم بإرادة الشارع أم بانقلاب عسكري؟

لا أريد أن أخوض في ممارسات الرئيس المصري محمد مرسي، ولا أسباب الأزمة السياسية، ولا الأزمة بين المعارضين والمؤيدين ولا حتى الأزمة بين الرئيس وبين الشعب قاطبة.

وبشكل عام فإن المواطنين شركاء ومسئولين في إدارة الدولة والحفاظ على مصالحها ضمن مؤسسات الدولة الديمقراطية. ومن أهم حقوق المواطنين المشاركة السياسية، حيث يكون صندوق الانتخابات هو البوابة الديمقراطية التي تحدد الحاكم في الدولة الديمقراطية، وتنظم حقوق الأفراد وواجباتهم في الدستور، وللمواطن حق الرفض أو القبول ضمن إطار ديمقراطي عبر صندوق الاقتراع بالاستفتاء وغيره. وتعتبر التجمعات حق من حقوق المواطنين ويمكنهم استخدام هذه الحقوق في فرض إرادة المواطنين بشكل سلمي وحضاري والديمقراطية أحياناً ما تأتي بنظام دكتاتوري وهي التي جاءت بهتلر، وموسوليني وفرانكو.

وعندما يتحول النظام إلى دكتاتوري، فيمكن للمواطنين ممارسة حقوقهم بإعادة إرادة الشعب عبر العقد مع الحاكم وبحقوقهم بالعصيان المدني والاحتجاجات السلمية، حيث لا تنزع الشرعية إلا بالشرعية، فلا يمكن أن يكون تدخل الجيوش لإسقاط حاكم جاء باختيار الأغلبية ضمن أدوات الديمقراطية، أو يكون صاحب الشرعية، ولكن أصحاب الشرعية هم المواطنون، وباستطاعتهم فرض إرادتهم بالعصيان المدني والاحتجاجات السلمية وإجبار الحاكم على الرحيل أو الاستفتاء أو الانتخابات المبكرة، وهذه هي أدوات الديمقراطية التي لم تتحقق في مصر اليوم. وتدخل الجيش لا يمكن أن يسمى سوى بالانقلاب على الشرعية، الذي كان بإمكانه حماية المواطنين وترك المواطن يمارس حقوقه بفرض إرادته بالطرق الديمقراطية، ويحدد بهذه الطرق هل هذا الرئيس المنتخب يحظى بالأغلبية أو بالأقلية أو أن الشعب المصري قد سحب الثقة من الرئيس مرسي.

ولم تكن المعارضة موفقة بموافقتها على تدخل الجيش، لكني أعتقد أن اللعبة الديمقراطية لم تكن حاضرة عند الجميع بل هو الصراع على السلطة بقتل الديمقراطية والخروج عن إطارها وأسسها.

بقلم / محمد عبداللة العتيبي